المرء يحسب أنه مأمونُ...والموتُ حقٌّ والفناءُ يقينُ
لا تأمنِ الدنيا فإن غرورَها...خدعَ الأوائلَ والزمانُ خئونُ
ما مرّ آنٌ من زمانِك لحظةً...إلا وعمرُك بالفَنا مرهونُ
وإذا غُمرتَ بنعمة وبلذةٍ...لا تُنْسينْك حوادثاً ستكونُ
وإذا بكيتَ على فراقِ أحبةٍ...فلتبكِ نفسَك أيها المسكينُ
لابدّ من يوم تفارقٌ معشرا...كنتَ الوجيهَ لديهمُ وتهونُ
والناس منهم شامتٌ لم يكترث...فيما دهاك ومنهمُ محزونُ
وترى من الهول الذي لأقلِّه...تذري الدموعَ محاجرُ وعيونُ
فكأنه اليومُ الذي في كربلا...يوم له طه النبيُّ حزينُ
يوم به السبعُ الطباقُ لعظمِه...قد دكّها بعد الحَراك سكونُ
يوم به فردُ الزمانِ قد اغتدى...فردا وليس له هناك مُعينُ
ظمآنَ يُمنع جرعةً من مائِها...والماءُ للوحشِ السَروبِ معينُ
حفت به أسدُ العرينِ وما سوى...سمرِ العواسلِ والسيوفِ عرين
تركوا الحياة بكربلاءَ وأرخصوا...تلك النفوسَ وسومُهن ثمين
وحموا خدورا بالسيوف وبالقنا...فيها ودائعُ أحمدٍ والدينُ
لم أنسهنّ إذا العدى هتكت ضحى...منها الخبا وكفيلُهن طعينُ
حسرى تجاذبها الطغامُ ملابسا...من تحتِها سر العَفافِ مصونُ