فصلٌ
في شهادة باقي الأنصار ورثائهم
وسارَعَ الباقونَ للشَهادة...ونَيلِ أَعْلى رُتَبِ السَعادة
ساروا إلى وِردِ الرَدى وازْدَحَمُوا...وأَيْقَنوا بِمَوْتِهمْ وأَقْدَمُوا
وأَرْخَصُوا النُفُوسَ والأَرْواحا...وصافَحُوا الصِّفاحَ والرِماحا
واَسْتَنْشَقُوا النَقْعَ المُثارَ عَنْبَرا...واَسْتَبْدَلُوا عنِ الثَراءِ بالثَرى
تَدرَّعُوا بالصَبرِ لا الْدِروعِ...فلم تَرُعْهمْ كَثرةُ الجُموعِ
تنَافَسُوا على ذَهابِ الأَنفُسِ...وعانَقُوا سُمرَ الرِماحِ القُنَّسِ
حتى أَحالُوا الجوَّ نَقْعاً أَكْدَرا...والأَرضَ مِنْ دَمِّ الأَعادي أَبحُرا
لَهفي وهلْ يُجْدي غَليلاً لَهفي...لأنجُم قد غَرُبَتْ في الطَفِّ
لهفي على الأَصحابِ والأَنصارِ...أُولي الإِبا والعزِّ والفَخارِ
بُدورُ تَمًّ غالَها الخُسوفُ...وكَوَّرتْ أنوارَها السِيُوفُ
صَرْعى على الصَعيدِ كَالأضاحي...موزَّعي الأعضاءِ بالصِّفاحِ
قدْ غُسِّلوا مِنَ النِحُورِ بالدِّما...وإنهمْ أَطهرُ مِنْ ماءِ السَما
وكُفّنتْ أَشْلاؤُهمْ بالذّاري...وهيَ بأكفانٍ من الأنوارِ
لقد حمَوا دينَ النبي بالضُّبا...ونَصَرُوا خامسَ أصحابِ العَبا
هانَ على نُفوسِها المَمَاتُ...لأنَّ مَوتَهمْ هوَ الحَياةُ
لمِثلِهمْ فلْتَلطِمِ الصِدُورُ...وَلْيَكْثُرِ العَويلُ والزفِيرُ
لِمِثلِهمْ فلْتندُبِ النَوادِبُ...ولْتُنْشَرِ الشُعورُ والذَوائِبُ