الشيخان على باب فاطمة
وأتاها الشيخان بعد هنات***ظلماها فيها بغير ارعواء
وهما عائدان وهي بحال***ليس يرجى لسقمها من شفاء
وأرادا إذن الدخول عليها***فأبت نفسها أشدّ الإباء
فتعصّى عليهما الأمر حلاًّ***فأُضلاّ عمىً بغير اهتداء
فاستغاثا بغوث كلّ طريد***واستجارا بسيّد الأوصياء
فأتاها وقال إنّ فلاناً***وفلاناً تظلّلا بردائي
يطلبان الدخول منك بإذن***جعلاني فيه من الشفعاء
فأبت أن تجود فيه فأوحى***من حنان لها بلحن الولاء
إنّني قد ضمنت إذ كلّماني***لهما الإذن قبل ذا من حيائي
فأجابت فأذن لمن شئت وامنع***أنت من شئت دون اتّقاء
إنّما الحرّة التي تصطفيها***لك زوج وأنت ربّ الفناء
فاستطارا بشراً بما أدركاه***بعد يأس أودى بكلّ رجاء
ثمّ قالا جئناك يا بنت طه***نطلب القرب منك بعد التنائي
ونروم الغفران والعفو عمّا***قد مضى آنفاً من الأخطاء
بعد تقصيرنا بحقّك ظلماً***وعناداً في البدء والإنتهاء
فتولّت بوجهها وهي غضبى***عنهما نحو حائط في البناء
وأجابت إنّي لأسأل حقّاً***فأجيبا صدقاً بغير افتراء
هل سمعتم ما قال طه بحقّي***لكما مثل سائر الحنفاء
فاطم بضعتي وبهجة نفسي***وهي منّي إيذاؤها إيذائي
يغضب الله حين تغضب سخطاً***ورضاها رضاً لربّ السماء
فأجابا إنّا سمعنا مراراً***كلّ هذا من خاتم الأنبياء
فرنت للسماء شكوىً وقالت***بعد نشر اليدين عند الدعاء
ربّي اشهد بأنّ بكراً وعمراً***آذياني وأجهدا في عدائي
فاذهبا في كراهة لست أرضى***أبداً عنكما ليوم اللقاء
وسأشكو إلى أبي ما دهاني***عنوة منكما بوقت اللقاء
فاستمرّت حتّى قضت بنت طه***وهي غضبى عليهما من جفاء