كَيْف واريتَ الثَّرَى .. فرقَدً أَم كوثَرا
هَل وُجَدتَ نَبْلًا .. هَل سَقَيتَ طِفْلا
عَلَى عَيْنَيْكَ يَنْمُو الْطَفُ صَبْرا
عَلَى طِفْلٍ بَكَى مَاءاً ودرا
عَلَى أُمٍّ تَهزُ الْمَهْدَ جَمْرا
تَرَاهُ خَالِيًا وَالشَّوْقُ ذِكْرَى
تَرَى دَمْعاً بِوَجْهِ اللَّيْل يُجْرَى
وَيَسْعَى طَالِبًا نَهْراً وَبَدَرا
صُوَرٌ يَا هَلْ تَرَى .. سَوْف تَنْسَى مَا جَرَى
هَل نَسَيتَ لَيْلَى .. هَل سَقِيَت طِفْلا
تَرَى نَاراً بِقَلْبِ الْطَفِ تَسْرِي
خَيّاماً تتقيها دُون سُتَرِي
وَفَرّت فاطمياتٌ بُذعري
عَلَى الْغَبْرَاءِ تَهْوِي ثُمَّ تَجْرِي
تَرَى أَهْلاً بِلَا أَهْلٍ وَتَدْرِي
عِيَالُ اللَّهِ أَمْسَوْا دُونَ خِدْرِي
إنَّهُم وَجْهُ الْعُلَا ... تصطفيهُم كَرْبَلَاء
إذ بَكَيْتَ أَهْلا .. هَل سَقِيَت طِفْلا
تَرَى سِبْطَ الْهُدَى أَضْحَى قَتِيلا
وَخَيْلًا فَوْقَهُ جَالَت طَوِيلا
تَرَاهُ بالدما وَحْياً رَسُولا
تَرَى شَمْساً دَنَا مِنْهَا الافولا
تَرَى فِي نَحْرِهِ سَيْف صَقِيلا
يَحُزُّ الْمَجْدَ وَالصَّبْرَ الجميلا
صَارَ صَبْرًا مُفْرَدا .. صَاح نَحَراً سَيِّدا
أبُنيَّ مَهْلا .. هَل سَقَيَت طِفْلا
تَجَلَّى الْطَفُ عَنْ وَجْهِ الضَّحَايَا
وَجَال السَّيْفُ فِي خَيْرِ الْبَرَايَا
وَبَانَت عندكم تِلْكَ الرَّزَايَا
وَفِي أَحْلَامِكُم تَبْدُو الْمَنَايَا
حكايا الذَّبْحِ تَتْبَعُهَا حكايا
بَنَاتُ الْوَحْيِّ قَدْ صَارَتْ سَبَايَا
رَكبُ سَبْيٍ قَدْ سَرَى .. نادباً يَا حيدرا
بِالدُّمُوع هَلاَّ .. هَل سَقِيَت طِفْلا
دُمُوعٌ آنَسَت فِي اللَّيْلِ زَيْنَب
عَلَى الْخَدَّيْنِ جَمَرَاتٍ ستُسكب
فَهَذِي صَفْحَةٌ لِلسَّبْي تُكْتَب
وَهَذِي رَضَعٌ بِالنَّارِ تَلَهَّب
تَرَى جُودَاً قَتِيلًا كَيْفَ تَشْرَب
تَرَاهَا سَيِّدِي قَلْبًا مُعَذَّب
الرَّزَايَا تَنْحَنِي .. زَيْنَبٌ لَا تَنْثَنِي
صَوْتُهَا تجَّلا .. هَل سَقِيَت طِفْلا
وَسَارَ الرَّكَبُ كُلُّكُمُ أُسَارَى
وخلّفتُم بِأَرْضِ الْطَفِ ثَارا
خَيّاماً عَانَقْت دَمعاً وَنَارا
وسِرتُمْ سَيِّدِي لَكِن حَيَارَى
عَجِيبٌ دَهْرُكُم بِالسَّبْي جَارا
وَكُنْتُم قَبْل سَبْيٍ مُستجارا
كنُتمُ كَهْفَ الْوَرَى ...للعُطاشى أنهرا
نَبعُكُمْ تَوَلَّى ... هَل سَقِيَتَ طِفْلا
قُلُوبٌ نَادِبَاتٌ لَن تَناما
عَلَى مَنْ سَافَرُوا تَشَكُّو الهياما
عَلَى نبضاتِها جُرْحٌ تَسَامَى
سيرسِمُ خَيْمَةً تَُأْوِي الْيَتَامَى
عَلَى جَنَبَاتِهَا صَوْتٌ تَرَامَى
يُنَادِي أَهْلَنَا هاكم سَلَاما
يَا حُسَيْنٌ تَجتلي ... أَنْت معناكَ عَلِيّ
صَاحَ حِينَ صَلَّى ... هَلْ سقِيَت طِفْلا