من أحداثِ الشام:
كما في تاريخ دمشق (الحديث 120) مختصر ابن منظور (17: 24) أنَّ المنهال بن عمرو دَخَلَ على الإمام السجاد (ع) فسأله كيف أصبحت؟..
فكأني بجواب مولانا زين العابدين (ع):
حُزْني وما أدراكَ مَا حُزْني...عنِّي حكى قيدُ الأسى عنِّي
إنِّي أَسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
منهالُ هذي حالتِي عن حالتي تُجاوِبْ
مِنْ كربلا للشَّامِ كَــمْ شاهدتُ مِنْ مَصائِبْ!
مُسبِّحاً بالقَيْدِ أتلو آيَةَ النَّوائِبْ:
مُردِّداً "نادِ علياً مُظْهِرَ العجائبْ"
بالحقدِ هٰذي الشامُ معروفَهْ
مأساتُها زادَتْ على الكُوفهْ
بالدَّمعِ يا منهالُ فاسمَعني
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
ألحَمدُ للهِ على البلاءِ.. لا السَّلامَهْ
فبعدَ ذبحِ والدي قامتْ لنَا القِيامَهْ
لَمْ يكْفِهِمْ سَلْبُ الرِّدا والدِّرعِ والعِمامَهْ
(بأربعينَ) حافِراً قَدْ طَحَنوا عِظامَهْ
ويلي على أَضْلاعِهِ ويلي
قدْ وزَّعَتها أَرجُل الخيْلِ
أغمضَتُ عن ذاكَ البلا جَفْني
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
أنا ابْنُ مَنْ أُسْرِي بهِ ليلاً على البُراقِ
ومِنْ زُقاقٍ صِرتُ مأسوراً إلى زُقاقِ !
إِنْ مالتِ الناقَةُ شدَّتْ بالأذى وِثاقي
هذا "قميصي أحْمرٌ" مِـنْ دَمِيَ المُراقِ
أغلالُهُمْ عضَّتْ على لَحْمي
حتَّى رأتْ لِيْ زينبٌ عَظْمي
كمْ أعْولتْ لمّا دنتْ منِّي
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
منهالُ عَذْبُ الماءِ كمْ أشعَلَني عَذابا
أستذكرُ الطِّفلَ رضيعاً سُقِيَ المُصابا
طفلٌ وهذا رأسُهُ فوقَ القناةِ شابا
قَرَأْتُ في عيونِهِ :"لا تضربوا الرّبابا"
سُكَينةٌ بصوتِها المُحْزِنْ
ترجوهُ سلِّمْ لِي عَلَى المُحسِنْ
إحترتُ بيْنَ البِنتِ والإبنِ
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
هذي "العصا" بهمسةٍ أقْلِبُها لِأفعى
أُومِي لها كيْ تلْقَفَ السِّياطَ حيثُ تسعى
لكنْ صبرتُ ناظراً إلى الصِّغَارِ جَوْعى
إِنْ يصرخوا أَشْبعَهُمْ رُمحُ اللئيمِ قَرْعا
جسمي نحيلٌ يشتكي العلَّهْ
لَمْ أستطِعْ أَنْ أحْمِيَ الطِّفْلَهْ
كمْ عذَّبتني شِدَّةُ الوَهْنِ
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
مِثْلَ بني اسْرَائِيلَ أصبحنا نَرَى الهَوانا
وكمْ بدا (إبنُ أبيهِ) مُبْغِضاً أبانا
كالتُّركِ أَو كالرُّومِ في البُلْدانِ قدْ سَبَانا
في مُوصِلٍ، في حَلَبٍ أيضاً ،وعسْقلانا
لِبَـعْــلَبَـكَّ كانتِ الجَوْلَهْ
في تُربِها ظــلَّتْ لنا "خَوْلَهْ"
أبكيتُ عينَ الإنسِ والجِنِّ
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ
واعَجباً ،وكلُّ ما في الكَونِ قَدْ تَعَجَّبْ
هل "سورةُ الفتحِ" لقـصْرِ "الطُّــلَقاءِ" تَذْهبْ ؟!
يزيدُ قامَ شامتاً يسألُ أينَ زينبْ؟
حتَّى رأتْ ثَغْرَ أبي بالخَيزُرانِ يُضْرَبْ
مُذْ كسَّرَ اللعينُ أضراسَهْ
"عبّاسُ" هزَّ غاضِباً راسَهْ
لكنَّني في الأسرِ لكنِّي..
إنِّي أسيرُ الجُرْحِ والأَنِّ