السيرة المختصرة للامام الحسن العسكري عليه السلام
الإمام الحسن العسكري عليه السلام
الإمام الحادي عشر
هو الإمام الحسن بن علي العسكري وأمه السيدة [جدة].
ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الآخر سنة مائتين واثنتين وثلاثين، وتوفي مسموماً يوم الجمعة، الثامن من شهر ربيع الأول، وقام بتجهيزه ولده الإمام الحجة ودفن عند أبيه بسامراء، حيث مزاره الشريف الآن. وفضله، وعلمه، ونبله، وشرفه، وسؤدده، وعبادته وتواضعه وسائر مكارم أخلاقه لا يخفى على أحد، وكان حسن القامة جميل الوجه جيد البدن له مهابة عظيمة على صغر سنه، وكان يمثل بالنبي في أخلاقه.
ومن أحاديث كرمه ما رواه إسماعيل قال :
قعدت له على ظهر الطريق فلما مر بي شكوت له فقال :
تحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائة دينار، وليس قولي هذا دفعاً عن العطية، أعطه يا غلام ما معك.
فأعطاني غلامه مائة دينار.
وقصده رجل ـ لما سمع من سماحه وكرمه ـ وكان محتاجاً إلى خمسمائة درهم فأعطاه خمسمائة درهم وثلاثمائة درهم. وقد شهدت النصارى بأنه ، مثل المسيح في فضله وعلمه وإعجازه، وكان كثير العبادة، دائم التهجد، واضح الصلاح، كثير الهيبة.
أبو محمد الحسن الخالص
وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري[1] ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ووقع لبهلول معه: أنه رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم فقال: أشتري لك ما تلعب به؟ فقال: يا قليل العقل ما للعب خُلِقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة، فقال له: من أين لك ذلك؟ قال: من قول الله عز وجل: (أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً وإنكم إلينا لا ترجعون)[2].
ثم سأله أن يعظه فوعظه بأبيات، ثم خرَّ الحسن مغشياً عليه فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك؟ فقال: إليك عني يا بهلول إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلا بالصغار أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم.
ولما حبس قحط الناس بسر من رأى قحطاً شديداً فأمر الخليفة المعتمد ابن المتوكل بالخروج للإستسقاء ثلاثة أيام فلم يسقوا فخرج النصارى ومعهم راهب كلما مد يده إلى السماء هطلت.
ثم في اليوم الثاني كذلك فشك بعض الجهلة وارتد بعضهم فشق ذلك على الخليفة فأمر بإحضار الحسن الخالص، وقال له: أدرك أُمَّة جدك رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قبل أن يهلكوا، فقال الحسن: يخرجون غداً وأنا أزيل الشك إن شاء الله.
وكلّم الخليفة في إطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم، فلما خرج الناس للإستسقاء ورفع الراهب يده مع النصارى غيمت السماء، فأمر الحسن بالقبض على يده فإذا فيها عظم آدمي، فأخذه من يده وقال: استسق، فرفع يده فنزاك الغيم وطلعت الشمس، فعجب الناس من ذلك، فقال الخليفة للحسن: ما هذا يا أبا محمد؟ فقال: هذا عظم نبي ظفر به هذا الراهب من بعض القبور،وما كشف من عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر، فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال وزالت الشبهة عن الناس ورجع الحسن إلى داره، فأقام عزيزاً مكرماً وصلات الخليفة تصل إليه كل وقت إلى أن مات[3]، بسر من رأى ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويقال: إنه سمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده:
أبي القاسم محمد الحجة